وبناءً على ذلك يكون الحكم الشرعي له دليلان؛ أحدهما: من القرآن الكريم، والثاني: من السنة النبوية. الأحكام الشرعية التي يتوفر فيها ذلك ما أكثرها، كالأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، والتحلي بمكارم الأخلاق، وكالنهي عن التقصير في عبادة من العبادات، وعن ارتكاب ما نهى الله عنه من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وتارةً تكون السنة النبوية المطهرة منشئةً لحكم شرعي جديد سكت عنه القرآن الكريم دون أن يعارضه، فيكون هذا الحكم واجبَ الاتباع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نطق به، كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها في الزواج، وتحريم لُبس الذهب أو الحرير بالنسبة للرجال، وبيان أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وغير ذلك من الأحكام الشرعية التي شُرِعت عن طريق ما نطق به الرسول -صلى الله عليه وسلم.

وتارةً تأتي السنة النبوية المطهرة مفصلةً ومفسرةً لِمَا جاء مجملًا في القرآن الكريم من أحكام، فالقرآن الكريم حدثنا عن الصلاة، وعن الزكاة، وعن الصيام، وعن الحج، في كثير من آياته، إلا أنه بالنسبة للصلاة لم يبين لنا عدد ركعاتها أو كيفياتها أو أركانها، وبالنسبة للزكاة لم يبين لنا القرآن الكريم مقاديرها، وبالنسبة للصيام لم يفصل لنا القرآن الكريم جميعَ أحكامه، وبالنسبة للحج لم يبين لنا القرآن الكريم جميع مناسكه. وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وبين لنا الأصناف التي تجب فيها الزكاة، وقَدْر النصاب الذي لا تجب الزكاة حتي يبلغه المال، والقدر الواجب إخراجه من المال الذي بلغ النصاب، وتوفرت فيه سائر الشروط الأخرى كما هو معروف في كتب الفقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015