النبيه الذكي الحاذق أن يلبي الدعوة، وأن يحول الموضوع مِن لا هدف إلى هدف، ومِن ترف فكري إلى نفع عام، ومن تسيب في المفاهيم إلى تقرير للمبادئ، وهذا لا يقدر عليه إلا مَن أوتي علمًا، ورزقه الله حصافةً ومَلَكةً وفهمًا.

كيف يكون ذلك؟

يستطيع الداعية أن يبين لسامعيه قيمة الوقت وأهميته، وأن الإنسان ما خُلق في هذه الحياة عبثًا، وإنما خلق لأداء رسالة وتبليغ أمانة وتحقيق غاية، ثم يعرج إلى أن الإسلام دين الواقع والحياة، يعامل الناس على أنهم بشر لهم حظوظهم النفسية وأشواقهم القلبية وغرائزهم البشرية، فلم يفترض منهم أن يكون كل كلامهم ذكرًا وكل صمتهم فكرًا، وكل تأملاتهم عبرة وكل فراغهم عبادة، وإنما اعترف الإسلام بكل ما تتطلبه الفطرة البشرية؛ مِن سرور وفرح ولعب ومرح ومزاح ومداعبة، بشرط أن يكون ذلك في حدود ما شرعه الله وفي نطاق أدب الإسلام.

وبعد هذا الدخول في الموضوع يسرد الداعية ألوانًا من الترفيه الحلال، واللهو المباح؛ كمسابقة العدو والمصارعة، واللعب بالسهام والحِراب، وكالسباحة والرمي وركوب الخيل والصيد، وبعد سرد هذه الألوان والاستشهاد بأدلتها يشرع الداعية في تبيان الهدف منها، ولماذا شرعها الإسلام، فلا يجد بُدًّا إلا أن يقول: إن الهدف من هذه الوسائل الترفيهية هو تكوين المسلم جسميًّا، وإعداده جهاديًّا، ليقوم في المستقبل بمسئوليته الكبرى في دحر أعداء الله، والدفاع عن أرض الإسلام، ونشر دين الله في مجاهل الأرض وأصقاع المعمورة، تنفيذًا لأمر الله سبحانه حيث قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال: 60) واستجابةً لندائه حيث قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015