وتفتحت لك النفوس فقد تحول تيارها إليك، وألقت بأزمتها بين يديك، فبادر في الحال بالتقاطها وصل خيوطك بخيوطها، ثم اخلص إلى موضوعك بما لا يغير عليك أنس جمهورك بك، ولا تطالبني بضرب مثل؛ فإن هذا ليس من القواعد التي تعلم، بل من وحي الذوق وإلهام الطبع اليقظ ويكتفى فيه بالتنبيه إليه.

وعلى الداعية -بعد الذي سردناه- أن لا يقتصر في محاضراته على الأسلوب العلمي الأكاديمي الموضوعي البحت؛ لكونه جافًّا في طبعه ومملًا في ذاته، وإنما عليه أن يمزج فيما يحاضر فيه بين الموضوعية والعاطفة، وأن يجمع بين قناعة الفكر واستثارة الوجدان، بل عليه على العموم أن يخاطب الروح والعقل في آن واحد، فبهذه المعاني وهاتيك المواصفات يكون الداعية محاضراً موفقًا ومتكلمًا ناجحًا بارعًا. وعلى الداعية حين يحاضر أن يرتبط موضوعه بهدف سام يحقق للجيل الحاضر هدايته، وللشباب المسلم إسلاميته، وللأمة المحمدية عزتها.

وفي هذا المجال تظهر للعيان براعة المحاضر وحصافة الداعية في توجيه محاضرته نحو الهدف المنشود، وتصريف أفكارها نحو الغاية المرجوة، حتى المواضيع التي تعتبر من طرف الحياة، يستطيع الداعية الموفق أن يحولها بلباقته ونباهته إلى هدف نبيل يخدم هداية الإنسان، ويوضح مبادئ الإسلام ويأخذ بيد الشباب نحو العزة والكرامة.

ولنضرب على ذلك مثلًا: قد يكلف الداعية من قبل هيئة ثقافية معينة أن يحاضر في موضوع، قد يراه الناس تافهًا لا وزن له، فليكن الموضوع الذي كلف فيه يدور حول الترفيه والفراغ، قد يتبادر للذهن من أول وهلة أن الموضوع تافه، وأنه من الترف الفكري، وأنه من المواضيع التي لا تستحق بحثًا ولا تستأهل محاضرة، ولكن لو تعمقنا في الأمر لرأينا المفهوم غير هذا، بل في استطاعة المحاضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015