بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني
(الغاية من الخطابة)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن الخطابة كانت ولا تزال من أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى باللسان، ولا نتجاوز الحقيقة كثيرًا إن قلنا: إن الخطابة هي أهم وسائل الدعوة الإسلامية، ففي بداية الدعوة كان للخطابة الدور الرئيسي في التبليغ، حيث امتثل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر ربه له بالدعوة جهرًا {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر * قُمْ فَأَنْذِرْ} (المدثر: 1، 2)، {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (الشعراء: 214)، {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (الحجر: 94).
لما نزلت هذه الآيات جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطابة سلاحه في التبليغ. روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((لما نزلت هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قريشًا فعم وخص؛ فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك من الله ضرًّا ولا نفعًا. يا معشر عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعًا. يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعًا. يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعًا. يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك ضرًّا ولا نفعًا، إن لك رحما وسأبلها ببلالها)) أي: إن لك قرابة وسأصلها كما أمرني الله سبحانه وتعالى.
كذلك اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطابة وسيلة للدعوة عند استقباله للوفود، التي كانت تتوالى عليه معربة عن قبولها للإسلام دينًا، كما كانت الخطابة منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في توجيه قيادة الجيوش الإسلامية الذاهبة لنشر الإسلام في كافة الأنحاء، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر مَن يراه أهلًا للخطابة بأن يخطب بحضرته -صلى الله عليه وسلم.