القرآن الكريم عليكم، فقال -تبارك وتعالى-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة: 100). فنحنُ المهاجرون وأنتم الأنصار، إخواننا في الدًين، وشركاؤنا في الفَيْء، وأنصارُنا على العدوّ، آويتم وواسيتم، فجزاكم اللهّ خيرًا، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تَدِين العرب إلّا لهذا الحيّ من قُرَيش، فلا تنْفسوا على إخوانكم المهاجرين ما منحهم اللهّ من فضله".
فلما اتفقوا على بيعته -رضي الله عنه- قام فخطب في الناس؛ فحَمِدَ الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس، إني قد وُلِّيتُ عليكم، ولستُ بخيركم، فإن رأيتُموني على حق فأَعينوني، وإن رأيتُموني على باطل فسدِّدوني، أَطيعوني ما أطعتُ الله فيكم، فإذا عصيتُه لا طاعة لي عليكم، ألاَ إن أقواكم عندي الضَّعيفُ حتى آخذَ الحقَّ له، وأَضعفَكم عندي القوي حتى آخذَ الحق منه. أقول قولي هذا وأَستغفر الله لي ولكم".
ولما ارتد مَن ارتد من العرب ومنع بعضهم الزكاة عزم -رضي الله عنه- على قتالهم وراجعه عمر في ذلك فقال: "والله لو منعوني عناقًا كانوا يوأدونها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليه". وخطب الناس فقال: "أيها الناس، من كان يعبُد محمدًا؛ فإنّ مُحمّدًا قد مات، ومن كان يَعْبُد اللهَ؛ فإنّ الله حيُّ لا يموت، أيها الناس، أن كَثُر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب، والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون قوله الحق ووعده الصدق: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: 18)، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 249).