أن يَمْنعه، وأن ما أمسكه عليه لم يكن لأحد أن يعطيه، وأنّ ما قُدّر لا بد أن يمضي، وأن نفسًا لن تَموتَ حتى تستوفي رزقها وأجلها، وعلى المُؤمن أن يضع نصب عينيه قول الحق سبحانه: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء: 30)، وأن يردد صباح مساء قول الله سبحانه: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} (المُلك: 21).

فبهذا الاعتقاد وبهذا الشعور يتحرر المؤمن من الحرص الزائد على الدنيا، والإلحاح في الطلب؛ ويتحرر أيضًا من الشُّح النفسي، والتقتير المزري، والإمساك الشائن، ويتحَلّى بمعاني الكرم والإيثار والعطاء، بل يرى السعادة في القناعة، وعيش الكَفاف؛ فإذا قنعت النفوس رضيت بالقليل وكفاها اليسير.

وأعني بالإيمان كذلك: أن يعتقد المؤمن من أعماق أحاسيسه ومشاعره أن الله سبحانه معه، يسمعه ويراه، ويَعْلَمُ سِرّه ونجواه، ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، وعلى المؤمن أن يضع نصب عينيه قول الحق سبحانه: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (المجادلة: 7)، {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أي: بصفاته بعلمه وسمعه وبصره وإحاطته. أما هو -سبحانه وتعالى- فعلى العرش استوى كما أخبر عن نفسه سبحانه وتعالى.

وعلى المؤمن أن يردد صباح مساء قول الله سبحانه: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين} (الأنعام: 59).

فبهذا الاعتقاد وبهذا الشعور يتحرر المؤمن من ربقة الهوى، ونزغات النفس الأمارة بالسوء، وهمزات الشياطين؛ وفِتنة المال والنساء ويتحلى بالمراقبة لله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015