لما قبض الله نبيه صلوات الله عليه لم يجسر أحد من المسلمين على نعيه واضطرب الناس وماجوا، وقالوا وقال معهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن رسول الله لم يمت. أقبل الصديق فكشف عن وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وطبت ميتا. وخرج من عنده فبدر الصحابة بخطبته المشهورة بعد أن حمد الله، وأثنى عليه:
"أيها الناس إن من كان يعبد محمدًا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، والله قد نعاه الله إلى نفسه في أيام حياته فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1، ثم قال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 2 و {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} 3، ثم قال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} 4 إلا أن محمدا قد مضى لسبيله، ولا بد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فدبروا، وانظروا، وهاتوا آراءكم"، فبكي الناس، ونادوه من كل جانب، نصبح وننظر من ذلك إن شاء الله5.