وقول الآخر 1:
إني وإن كنت صغيرًا2 سني ... وكان في العين نبوٌ عني
فإن شيطاني أمير الجن ... يذهب بي في الشعر كل فن
حتى يزيل عني التظني
فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظها وحسنوها وحموا حواشيها وهذبوها وصقلوا غروبها3 وأرهفوها فلا ترين أن العناية إذ ذاك إنما هي بالألفاظ بل هي عندنا خدمة منهم للمعاني وتنويه "بها"4 وتشريف منها. ونظير ذلك إصلاح الوعاء وتحصينه وتزكيته5، وتقديسه وإنما المبغي6 بذلك منه7 الاحتياط للموعى عليه8 وجواره بما يعطر بشره9 ولا10 يعر جوهره كما قد نجد من المعاني الفاخرة السامية ما يهجنه11 ويغض منه كدرة12 لفظه وسوء العبارة عنه.
فإن قلت: فإنا نجد من ألفاظهم ما قد نمقوه وزخرفوه ووشوه ودبجوه ولسنا نجد مع ذلك تحته معنى شريفًا بل لا نجد قصدًا13 ولا مقاربًا؛ ألا ترى إلى قوله 14: