الخصائص (صفحة 227)

ذلك أوقع لها في السمع وأذهب بها في الدلالة على القصد ألا ترى أن المثل إذا كان مسجوعا لذ لسامعه فحفظه فإذا هو حفظه كان جديرًا باستعماله ولو لم يكن مسجوعًا لم تأنس النفس به1، ولا أنقت لمستمعه2، وإذا كان كذلك لم تحفظه وإذا لم تحفظه لم تطالب أنفسها باستعمال ما وضع له وجيء به من أجله. وقال لنا أبو علي يومًا: قال لنا أبو بكر 3: إذا لم تفهموا كلامي فاحفظوه فإنكم إذا حفظتموه فهمتموه. وكذلك الشعر: النفس له أحفظ وإليه أسرع ألا ترى أن الشاعر قد يكون راعيًا جلفًا أو عبدًا عسيفًا تنبو صورته وتمج جملته4، فيقول ما يقوله من الشعر فلأجل قبوله وما يورده عليه من طلاوته5، وعذوبة مستمعه6 ما يصير قوله حكمًا يرجع إليه ويقتاس7 به ألا ترى إلى قول العبد الأسود 8:

إن كنت عبدًا فنفسي حرة كرمًا ... أو أسود اللون إني أبيض الخلق

وقول نصيب 9:

سودت فلم10 أملك سوادي وتحته ... قميص من القوهي بيض بنائقه11

طور بواسطة نورين ميديا © 2015