ولم يشهدِ الصهريجَ والخيل دونهُ ... عليهِ فساطيطٌ لهمْ وخذورُ

وحولكَ راياتٌ لهمْ وعساكرُ ... وخيلٌ لها بعد الصهيل شخير

ليالي، هشامٌ في الرصافةِ قاطنٌ ... وفيكَ ابنهُ يا ديرُ وهوَ أميرُ

إذ العيشُ غضٌ والخلافةُ لدنةٌ ... وأنتَ طريرٌ والزمان غريرُ

وروضكَ مرتادٌ، ونوركّ نيّرٌ ... وعيشُ بني مروانَ فيك نضيرُ

بلى، فسقاك الغيثُ صوبَ سحائبٍ ... عليها بها بعدَ الرواحِ بكورُ

فلما انتهى المتوكل من قراءتها ارتاع لها، وتطير منها، ثم استدعى الديراني، سأله عنها، وعن كاتبها، فأنكر أن يكون له علم به، فهم بقتله، فكلمة فيه الندماء، وقالوا: ليس هذا الديراني ممن يتهم بميل إلى دولة أو سلطان دون سلطان، فتركه، وعرف أن الأبيات لرجل من ولد روح ابن زنباع الجذامي، وأمه من موالي هشام بن عبد الملك.

101 دير الرمان: بلفظ الرمان الفاكهة، وهي مدينة كبيرة ذات أسواق للبادية، موقعها بين الرقة والخابور، تنزلها القوافل القاصدة من العراق إلى الشام عبر البادية.

102 دير الرمانين: وهو جمع سابقه جمع سلامة.

ويعرف أيضاً بدير السابان وموقعه بين حلب وأنطاكية يطل على بقعة سرمد، وهو الآن خراب، وما تزال آثاره باقية، وكان من الديرة الحسان، الكثيرة الرهبان. وفيه يقول الشاعر:

ألفَ المقام بدير رمانينا ... للروض إلفاً، والمدامِ خدينا

والكأسُ والإبريقُ يعملُ دهرهُ ... ويظلُّ يجني الآسَ والنّسرينا

103 دير الرملة: قال (الشمشاطي) في الديارات: دير قديم، بقرب الرملة، بينها وبين بيت المقدس، كان فيه رهبان زهاد، انقطعوا إلى العبادة حدث بعضهم فقال: مررت يوماً بدير رملة في منطلقي إلى بيت المقدس، فرأيت راهباً في بعض قلالي الدير يبكي، فسألته: ما يبكيك أيها الراهب؟ فقال: أبكي على ما فرطت فيه وحياتي، وعلى يوم انقضى، ولم أتبين فيه ما عملت. ثم [أغرب في البكاء] حتى سقط مغمياً عليه.

قال: ثم مررت بالدير بعد خمس سنين، وقلت في نفسي: أسأل عن الراهب، فسألت، فقيل لي: أسلم، ثم توجه إلى بعض الثغور، فغزا، حتى مات شهيداً.

104 دير الروم: قال الشابشتي: بيعة كبيرة جداً، حسنة البناء، محكمة الصنعة، كانت ببغداد، في الجانب الشرقي منها، وهي للنسطورية خاصة.

وللجاثليق قلاية إلى جانبها، وبينه وبينها باب يخرج منه إليها في أوقات الصلاة والقرابين.

وتجاورها بيعة لليعقوبية، حسنة المنظر، عجيبة البناء. يقصدها الناس ويؤمونها لكثرة ما فيها من عجائب الصور.

هكذا وصفها الشابشي في الديارات.

والأصل في اسم هذا الدير لأن عدداً من أسرى الروم، جاؤوا بهم إلى المهدي، فأنزلوا دجاراً في ذلك الموضع، فبنوا فيه بيعة نسبت إليهم من بعد وبقي الاسم عليها.

وكان لهذا الدير آحاد وأعياد يجتمع فيها الناس من كل البلاد، للنظر إلى من في الدير من المردان ذوي الوجوه الحسان، والشمامسة والرواهب والرهبان. وكان مدرك بن علي الشيباني ممن يقصد الدير لهذا الشأن، فقال يصف من فيه:

وجوهٌ بدير الروم قد سلبتْ عقلي ... فأصبحت في غمٍّ شديد من الخبلِ

فكمْ من غزالٍ قدسي القلبَ لحظهُ ... وكم ظبيةٍ رامتْ بألحاظها قتلي

وكمْ قدَّ من قلبٍ بقدٍّ، وكم بكتْ ... عيونٌ لما تلقى من الأعين النّجل

فلم ترَ عيني منظراً قطُّ مثلهم ... ولم تلقَ عينٌ مستهاماً بهم قبلي

إذا شئتُ أن أسلو أتى الشوق والجوى ... كذاك الهوى يغري المحبَّ، ولا يسلي

وأنشد فيه قول مدركٍ أيضاً:

رئمٌ بدير الروم رامَ قتلي ... بمقلةٍ كحلاءِ لا عنْ كحل

وطرّة بها استطار عقلي ... وحسنِ دل، وقبيح فعلِ

ولغيره في هذا الدير أشعار حسان.

105 دير زرارة: بضم زايه المعجمة: قال الشابشتي هذا الدير موقعه بين جسر الكوفة وحمام أعين على يمين الخارج من بغداد إلى الكوفة. وهو في موضع نزه حسن، كثيرة حاناته، عامر بمن يطرقونه للقصف واللهو ممن يطلبون اللعب، ويؤثرون البطالة. ويذكرون أن علياً رضي الله عنه علم بأمره، وبكثرة حاناته، فعبر الفرات إليه على الجسر. ثم قال: علي بالنار أضرموها فيه، فاحترق من جهة الغرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015