فيه لسنه وكثرة تجاربه فحسن وضع ذلك عند سيذروس وعمل بما فيه.
ثم قال الاسكندر: بعد هذا مخاطبا لارسطاطاليس، وأما بعد فانه قد يجب ان أحل نفسي مع هذا الخطب المحل الذي توجبه الطبيعة لانه من أراد معرفة شيء من الامور فلا محالة أن يطالبه عند أهله، فانا نجد ذلك كثيرا في أصحاب المهن والصناعات، وقد احتجت الى ان يتبين لي ما اجتلب به مصلحة أموري في الرعية واصلاحها عندي حتى يكون قد ذهبت بالمكرمة الاولى وحصلت فضل الاخرى وتمت لك نعمة الفوز في العقبى، وقد قال ادميوس الشاعر: «كل من سن خيرا بقى له ذكره ولا خير فيمن سن الشر» . وأنت بالموضع الذي أحلك الله به وجعلك «10» أهله من الحكمة والفضل على كل حال فتقدم باجابتي وليكن ذلك في كتاب مشروح لاجعله نصب عيني والتمس به حسن الاثر الباقي على الدهور، ويكون قد سدت بفضل الحكمة، والعلم قديما وحزت شرفها حديثا، فعلى حب الحكمة فليكن اجابتك والله أسأل الامن من الفجيعة بك.
فكتب اليه ارسطاطاليس رسالته المسماة برسالة (التدبير) وقد ذكرنا بعض ما تضمنت، ونحن نذكر باقيها في مواضعه إن شاء الله «11» . ولا ينبغي للملك أن يظن انه من الجائز أو السائغ ارضاء جميع رعيته اذ كان متعذرا ذلك فيهم لاختلافهم وتباين صيغهم ومذاهبهم ولان فيهم ارضاه الجور والخبال، وفي اتباع مراده بالباطل والضلال وفي وقاية البلاء والفساد بل ينبغي أن يكون وكده رضا الاخيار وأهل الفضائل فانه متى توخي ذلك واعتمده عفى على ما سواه وأصلحه وكان أكثر ما يرتئيه صوابا وأكثر