من الامور وأفضي اليه مثل الذي أفضى اليّ من الاحوال أن يكون طالبا ثلاث «8» خصال لا مذهب عنها. أما الاولى، فحقيقة الرئاسة، وأما الثانية فصرف التدبير الى ما يلزم تدبيره. وأما الثالثة فاستعمال ذلك على جهته ووضعه في كنهه «9» ولو كان طالب كل أمر يتأتى له ما يريده منه على سداده ويتوثق له ما يقدره فيه على حقه لم يكن الجهلاء محتاجين الى العلماء بل كان يبطل اسم الجهل أصلا اذ لم يكن يوجد الا عالم ولا كان أيضا قدر ولا خطر ولا كان لاحد فضل بالتمييز لتساوى الناس جميعا في ذلك لانه اذا كان المدح لازما لاهل الفضل بغضهم فالذم واجب على ذوي الجهل بجهلهم، وقد قال بعض الحكماء ان الحكمة تطلب لاستحقاق اسمها ولان ننفي عن طالبها اسم الجهل بها وقد قال افلاطون: كل من التبس عليه شيء من العلم فليسأل عنه أهل المعرفة، فانه بذلك يستحق اسم الحكمة ويستوجبه وبتركه أياه وعدوله عن طلبه من أهله يلزمه اسم الجهل ويستحقه.
ذكر الاسكندر في هذه الرسالة أمورا أخر ليس هذا موضع ذكرها الى أن قال فيها ولو كان أحد مستغنيا برأيه عن المشورة لكان اوسطاثيوس جديرا بذلك لما كتب سيذروس الملك يسأله عما يعمل به في أهل أتليس واسطوغورس وهاتان مدينتان ظفر بأهلها فلما لم يكن عنده فيما يسأل عنه من الرأي ما يرضاه رجع الى مشاورة الفلاسفة وأهل الحكمة ووجه الى سوان يسأله عما سأل عنه من الرأي فوضع سوان في ذلك الكتاب المرسوم بكتاب (الصفح) فوجه به اوسطاثيوس الى سيذروس الملك وكتب اليه بحقيقة خبره وانه لما لم يثق بما عنده رجع الى سوان