وقال الرّاجز [1] : [من الرجز]
ومنهل أعور إحدى العينين ... بصير أخرى وأصمّ الأذنين
كأنّه كان في ذلك المنهل بيران، والآبار أعين، فغوّرت إحدى البيرين وتركت الأخرى وقوله: «أصمّ الأذنين» لما أن كان عنده في الأرض فضاء وخلاء، حيث لا يسمع فيه صوت. جعله أن كان لا يسمع صوتا أصمّ؛ وإن كان ذلك لفقد الأصوات.
قال: وقد قال الحارث بن حلّزة قولا يدلّ على أنّها تسمع، حيث قال [2] : [من الخفيف]
ولقد أستعين يوما على اله ... مّ إذا خفّ بالثّويّ الثّواء
بزفوف كأنها هقلة أ ... مّ رئال دوّيّة سفعاء [3]
ثم قال:
آنست نبأة وأفزعها القن ... اص عصرا وقد دنا الإمساء
فترى خلفهنّ من سرعة المش ... ي منينا كأنّه أهباء [4]
ولو قال: «أفزعها القنّاص» ولم يقل: «آنست نبأة» - والنّبأة الصّوت- لكان لكم في ذلك مقال.
وقال امرؤ القيس [5] : [من الطويل]
وصمّ صلاب ما يقين من الوجى ... كأنّ مكان الرّدف منه على رال [6]
وإنما يعني أنها مصمتة غير جوفاء. وقال الآخر [7] : [من البسيط]
قل ما بدا لك من زور ومن كذب ... حلمي أصمّ وأذني غير صمّاء
(علا) ، والتاج (فرر) ، والجمهرة 126، والعين 7/174، والخزانة 2/397، 3/242، 243، والمقاصد النحوية 3/449، وبلا نسبة في اللسان والتاج (حطط) .