الحيوان (صفحة 891)

لعمري لقد أمهلت في نهي خالد ... عن الشّام إمّا يعصينّك خالد [1]

وأمهلت في إخوانه فكأنّما ... تسمّع بالنّهي النّعام المشرّد

وقال الذي زعم أنّها تسمع: فقد قال الله عزّ وجلّ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ

[2] ولو عنى أنّ عماهم كعمى العميان، وصممهم كصمم الصّمّان، لما قال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها

[3] وإنّما ذلك كقوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ*

[4] وكيف تسمع المدبر عنك! ولذلك يقال: «إنّ الحبّ يعمي ويصمّ» [5] . وقد قال الهذليّ: [من الطويل]

تسمّع بالنّهي النّعام المشرّد

والشارد النافر عنك لا يوصف بالفهم. ولو قال: تسمع بالنّهي، وسكت- كان أبلغ فيما يريد. وهو كما قال الله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ*

[4] . قال الرّاجز [6] : [من الرجز]

ردي ردي ورد قطاة صمّا ... كدريّة أعجبها برد الما [7]

أي لأنها لا تسمع صوتا يثنيها ويردّها.

وأنشد قول الشاعر [8] : [من الطويل]

دعوت خليدا دعوة فكأنما ... دعوت به ابن الطّود أو هو أسرع

والطّود: الجبل. وابنه: الحجر الذي يتدهده [9] منه، كقوله [10] : [من الطويل]

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015