وممّا قيل في الشّعر من اللّغز [1] : [من المتقارب]
فما ذو جناح له حافر ... وليس يضرّ ولا ينفع
يعني النّمل. فزعم أنّ للنّمل حافرا، وإنّما يحفر جحره، وليس يحفره بفمه.
وعذّب عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشيّ بأنواع العذاب فقيل له: إن أردت ألّا يفلح أبدا فمرهم أن ينفخوا في دبره النّمل. ففعلوا فلم يفلح بعدها.
قالوا: وأجناس من الحيوان تدّخر، وتشبّه في ذلك بالإنسان ذي العقل والرّويّة، وصاحب النّظر في العواقب، والتفكير في الأمور: مثل الذّرّ، والنّمل، والفأر، والجرذان، والعنكبوت، والنّحل. إلّا أنّ النحل لا يدّخر من الطعام إلّا جنسا واحدا، وهو العسل.
وزعم اليقطريّ أنّك لو أدخلت نملة في جحر ذرّ لأكلتها، حتى تأتي على عامّتها. وذكر أنّه قد جرّب ذلك.
وقال صاحب المنطق: إنّ الضّباع تأكل النمل أكلا ذريعا، وذلك أن الضّباع تأتي قرية النّمل في وقت اجتماع النّمل، فتلحس ذلك النّمل بلسانها، بشهوة شديدة، وإرادة قويّة.
قالوا: وربّما أفسدت الأرضة على أهل القرى منازلهم، وأكلت كلّ شيء لهم.
ولا تزال كذلك حتى ينشو في تلك القرى النّمل، فيسلّط الله ذلك النّمل على تلك الأرضة، حتى تأتي على آخرها. وعلى أنّ النّمل بعد ذلك سيكون له أذى، إلّا أنّه دون الأرضة تعدّيا. وما أكثر ما يذهب النّمل أيضا من تلك القرى، حتى تتمّ لأهلها السّلامة من النّوعين جميعا.