إنما هي: «تولبا جدعا» الدّال مكسورة. وفي الجدع يقول أبو زبيد [1] : [من البسيط]
ثمّ استقاها فلم يقطع نظائمها ... عن التضبّب لا عبل ولا جدع
وإنما ذلك كقول ابن حبناء الأشجعي: [من الوافر]
وأرسل مهملا جدعا وخفّا ... ولا جدع النّبات ولا جديب
فنفخ المفضّل، ورفع بها صوته، وتكلّم وهو يصيح. فقال الأصمعي: لو نفخت بالشّبّور لم ينفعك! تكلّم بكلام النّمل وأصب! والشّبّور: شيء مثل البوق، والكلمة بالفارسية. وهو شيء يكون لليهود، إذا أراد رأس الجالوت أن يحرّم كلام رجل منهم نفخوا عليه بالشّبّور.
وليس تحريم الكلام من الحدود القائمة في كتبهم، ولكنّ الجاثليق ورأس الجالوت، لا يمكنهما في دار الإسلام حبس ولا ضرب، فليس عندهما إلّا أن يغرّما المال، ويحرّما الكلام. على أنّ الجاثليق كثيرا ما يتغافل عن الرّجل العظيم القدر، الذي له من السّلطان ناحية.
وكان طيمانو رئيس الجاثليق، قد همّ بتحريم كلام عون العباديّ، عندما بلغه من اتخاذ السّراري، فتوعّده وحلف: لئن فعل ليسلمنّ! وكما ترك الأشقيل وميخاييل وتوفيل، سمل عين منويل- وفي حكمهم أنّ من أعان المسلمين على الرّوم يقتل؛ وإن كان ذا رأي سملوا عينيه ولم يقتلوه- فتركوا سنّتهم فيه.
وقد ذكرنا شأنهم في غير ذلك، في كتابنا على النّصارى فإن أردته فاطلبه هنالك.
وقال عمر بن أبي ربيعة [2] : [من الكامل]
لو دبّ ذرّ فوق ضاحي جلدها ... لأبان من آثارهنّ حدور
والحدر: الورم والأثر يكون عن الضّرب.