يقول [1] : إذا كان الغراب لا يبصر في حراج الظلماء. وواحد الحراج حرجة، وهي هاهنا مثل، حيث جعل كلّ شيء التفّ وكثف من الظلام حراجا، وإنّما الحراج من السّدر وأشباه السّدر.
يقول: فإذا لم يبصر فيها الغراب مع حدّة بصره، وصفاء مقلته فما ظنّك بغيره؟! وقال أبو الطمحان القينيّ [2] : [من الطويل]
إذا شاء راعيها استقى من وقيعة ... كعين الغراب صفوها لم يكدّر
والوقيعة: المكان الصلب الذي يمسك الماء، والجمع الوقائع.
قال: وأنشدنا أبو عمرو بن العلاء، في الوقائع: [من الطويل]
إذا ما استبالوا الخيل كانت أكفهم ... وقائع للأبوال والماء أبرد [3]
يقول: كانوا في فلاة فاستبالوا الخيل في أكفهم، فشربوا أبوالها من العطش.
ويقال شهد الوقيقة والوقعة بمعنى واحد. قال الشاعر [4] : [من الطويل]
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... على زفر داء من الشّرّ باقيا
وقال زفر بن الحارث [5] : [من الطويل]
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيننا متنائيا
وقال الأخطل [6] : [من الطويل]
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل