بعض النّاس: قد سوّى بين الذّبّان والنّاس في العجز: وقالوا: فقد يولّد النّاس من التّعفين الفراش وغير الفراش وهذا خلق، على قوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
[1] وعلى قوله: أَحْسَنُ الْخالِقِينَ*
[2] وعلى قول الشاعر [3] : [من الكامل]
وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري
قيل لهم: إنما أراد الاختراع، ولم يرد التّقدير.
وأمّا قول ابن ميّادة [4] : [من الطويل]
ألا لا نبالي أن تخندف خندف ... ولسنا نبالي أن يطنّ ذبابها [5]
فإنّما جعل الذّباب هاهنا مثلا، وقد وضعه في غير موضع تحقير له وموضع تصغير. وهو مثل قوله [6] : [من الطويل]
بني أسد كونوا لمن قد علمتم ... موالي ذلّت للهوان رقابها
فلو حاربتنا الجنّ لم نرفع العصا ... عن الجنّ حتّى لا تهرّ كلابها
وليس يريد تحقير الكلاب.
ويقال: هو ذباب العين، وذباب السّيف، ويقال تلك أرض مذبّة أي كثيرة الذّباب.
وقال أبو الشّمقمق في هجائه لبعض من ابتلي به [7] : [من الرمل]
أسمج النّاس جميعا كلّهم ... كذباب ساقط في مرقه
ويقال إن اللبن إذا ضرب بالكندس [8] ونضح به بيت لم يدخله ذبّان.