فعلى عليّ رضي الله تعالى عنه- يعوّل في تنزيه اللفظ وتشريف المعاني.
وقال أبو بكر- رضي الله عنه- حين قال بديل بن ورقاء للنبيّ صلى الله عليه وسلم: جئتنا بعجرائك وسودانك، ولو قد مسّ هؤلاء وخز السّلاح لقد أسلموك! فقال أبو بكر- رضي الله عنه-: عضضت ببظر اللّات [1] ! وقد رووا مرفوعا قوله: «من يعذرني من ابن أمّ سباع مقطّعة البظور؟» [2] .
ولو كان ذلك الموضع موضع كناية هي المستعملة. وبعد فلو لم يكن لهذه الألفاظ مواضع استعملها أهل هذه اللّغة وكان الرأي ألّا يلفظ بها، لم يكن لأوّل.
كونها معنى إلّا على وجه الخطإ، ولكان في الحزم والصّون لهذه اللّغة أن ترفع هذه الأسماء منها.
وقد أصاب كلّ الصّواب الذي قال: «لكلّ مقام مقال» [3] .
ولقد دخل علينا فتى حدث كان قد وقع إلى أصحاب عبد الواحد بن زيد ونحن عند موسى بن عمران، فدار الحديث إلى أن قال الفتى: أفطرت البارحة على رغيف وزيتونة ونصف، أو زيتونة وثلث، أو زيتونة وثلثي زيتونة، أو ما أشبه ذلك.
بل أقول: أكلت زيتونة، وما علم الله من أخرى، فقال موسى: إنّ من الورع ما يبغصه الله، علم الله؛ وأظنّ ورعك هذا من ذلك الورع.
وكان العتبي ربّما قال: فقال لي المأمون كذا وكذا، حين صار التّجم على قمّة الرأس، أو حين جازني شيئا، أو قبل أن يوازي هامتي. هكذا هو عندي، وفي أغلب ظنّي، وأكره أن أجزم على شيء وهو كما قلت إن شاء الله تعالى، وقريبا ممّا نقلت.
فيتوقف في الوقت الذي ليس من الحديث في شيء. وذلك الحديث إن كان مع طلوع الشمس لم يزده ذلك خيرا، وإن كان مع غروبها لم ينقصه ذلك شيئا. هذا ولعلّ الحديث في نفسه لم يكن قطّ ولم يصل هو في تلك الليلة البتّة. وهو مع ذلك زعم أنّه دخل على أصحاب الكهف فعرف عددهم، وكانت عليهم ثياب سبنيّة