السّخافة بالجزالة، صار الحديث الذي وضع على أن يسرّ النّفوس يكر بها، ويأخذ بأكظامها [1] .
[2] وبعض الناس إذا انتهى إلى ذكر الحر والأير والنيك ارتدع وأظهر التقزّز، واستعمل باب التّورّع. وأكثر من تجده كذلك فإنّما هو رجل ليس معه من العفاف والكرم [3] ، والنّبل والوقار، إلّا بقدر هذا الشّكل من التّصنع. ولم يكشف قطّ صاحب رياء ونفاق، إلّا عن لؤم مستعمل، ونذالة متمكّنة.
وقد كان لهم في عبد الله بن عباس مقنع، حين سمعه بعض الناس [4] ينشد في المسجد الحرام: [من الرجز]
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطّير ننك لميسا [5]
فقيل له في ذلك، فقال: إنّما الرّفت ما كان عند النساء.
وقال الضّحّاك: لو كان ذلك القول رفثا لكان قطع لسانه أحبّ إليه من أن يقول هجرا.
قال شبيب بن يزيد الشيباني، ليلة بيّت عتّاب بن ورقاء: [من الرجز] من ينك العير ينك نيّاكا [6] وقال عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- حين دخل على بعض الأمراء فقال له [7] : من في هذه البيوت؟ فلما قيل له: عقائل من عقائل العرب، قال عليّ: «من يطل أير أبيه ينتطق به» [8] .