لم يعفّ عن أموال جيرانكم، ومنافع الكلب لا يحصيها الطّوامير «1» . والسّنّور مع ذلك يأكل الأوزاغ والعقارب، والخنافيس، وبنات وردان «2» ، والحيّات، ودخّالات الآذان «3» والفأر والجرذان، وكلّ خبيثة وكلّ ذات سمّ، وكلّ شيء تعافه النفس. ثمّ قلتم في سؤر السّنّور وسؤر الكلب ما قلتم. ثمّ لم ترضوا به حتّى أضفتموه إلى نبيّكم صلى الله عليه وسلم!!
ولا يشكّ الناس أن ليس في السباع أطيب أفواها من الكلاب «4» ، وكذلك كلّ إنسان سائل الريق سائل اللعاب. والخلوف «5» لا يعرض للمجانين الذين تسيل أفواههم. ومن كان لا يعتريه الخلوف فهو من البخر أبعد. وكما أنّ طول انطباق الفم يورث الخلوف. فكثرة تحلّب الأفواه بالريق تنفي الخلوف. وحتّى إنّ من سال فوه من اللعاب فإنّما قضوا له بالسلامة من فيه، وإن استنكهوه مع أشباهه وجدوه طيّبا، وإن كان لا يقرب سواكا على الريق. وكذلك يقال، إن أطيب النّاس أفواها الزّنج، وإن كانت لا تعرف سنونا «6» ولا سواكا.
على أنّ الكلب سبع، وسباع الطير وذوات الأربع موصوفة بالبخر، والذي يضرب به في ذلك المثل الأسد، وقد ذكره الحكم بن عبدل في هجائه محمّد بن حسّان فقال: [من الوافر]
فنكهته كنكهة أخدريّ ... شتيم شابك الأنياب ورد «7»
وقال بشّار: [من الطويل]
وأفسى من الظّربان في ليلة الكرى ... وأخلف من صقر وإن كان قد طعم «8»
يهجو بها حماد عجرد.