كلامهم، على أيّ مقادير كانوا يضعونها، ومن أيّ شيء اشتقّوها، وكيف كان السبب. وربّ شيء أنكرناه فإذا عرفنا سببه أقررنا به.
وقال أبو الحسن: مر إياس بن معاوية بديك ينقر حبّا ولا يفرقه، فقال: ينبغي أن يكون هذا هرما، فإنّ الهرم إذا ألقي له الحبّ لم يفرقه ليجتمع الدجاج حوله.
والهرم قد فنيت رغبته فيهنّ، فليس همّه إلّا نفسه.
ورووا عنه أنّه قال: اللافظة الديك الشابّ، وإنّه يأخذ الحبّة يؤثر بها الدّجاج، والهرم لا يفعل ذلك، وإنّما هو لافظة مادام شابّا.
وقال صاحب الكلب: وذكر ابن سيرين عن أبي هريرة: «أن كلبا مرّ بامرأة وهو يلهث عند بئر، فنزعت خفّها فسقته، فغفر الله تعالى لها» «1» .
وعنه قال: «غفر الله لبغيّ أو لمؤمنة مرّ بها كلب فنزعت خفّها فسقته» «2» .
وقال صاحب الكلب: وقال ابن داحة: ضرب ناس من السّلطاء جارا لهم، ولبّبوه وسحبوه وجرّوه، وله كلب قد ربّاه، فلم يزل ينبح عليهم ويشقّق ثيابهم، ولولا أنّ المضروب المسحوب كان يكفّه ويزجره، لقد كان عقر بعضهم أو منعه منهم.
قال إبراهيم النّظّام: قدّمتم السّنّور على الكلب، ورويتم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب واستحياء السنانير وتقريبها وتربيتها، كقوله عند مسألته عنها: «إنّهنّ من الطّوّافات عليكم» «3» . وكلّ منفعة عند السّنّور إنّما هي أكل الفأر فقط، وعلى أنّكم قلّما تجدون سنّورا يطلب الفأر، فإن كان مما يطلب ويأكل الفأر، لم يعدمكم أن يأكل حمامكم وفراخكم والعصافير التي يتلهّى بها أولادكم، والطائر يتّخذ لحسنه وحسن صوته. والذي لابدّ منه الوثوب على صغار الفراريج. فإن هو عفّ عن أموالكم