وأما قوله: وعقّ الولد، فإنّ المرأة إذا صبّحتهم الخيل، ونادى الرجال يا صباحاه! ذهلت عن ولدها، وشغلها الرّعب عن كلّ شيء «1» . فجعل تركها احتمال ولدها والعطف عليه في تلك الحالة، عقوقا منها، وهو قولهم: نزلت بهم أمور لا ينادى وليدها «2» ، وإنّما استعاروا هذه الكلمة فصيّروها في هذا الموضع من هذا المكان.
وقد ذكر ذلك مزرّد بن ضرار وغيره، فقال: [من الطويل]
تبرّأت من شتم الرجال بتوبة ... إلى الله مني لا ينادى وليدها «3»
وقال الآخر: [من الطويل]
ظهرتم على الأحرار من بعد ذلّة ... وشقوة عيش لا ينادى وليدها
والذي يخرسه إفراط البرد، وإلحاح المطر، كما قال الهذليّ: [من البسيط]
وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختص بالنّقرى المثرين داعيها «4»
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... من الصّقيع، ولا تسري أفاعيها
وقال ابن هرمة: [من الخفيف]
واسأل الجار والمعصّب والأضيا ... ف وهنا إذا تحيّوا لديّا «5»
كيف يلقونني إذا نبح الكل ... ب وراء الكسور نبحا خفيّا
وقال آخر: [من المتقارب]
إذا عمي الكلب في ديمة ... وأخرسه الله من غير صرّ «6»