وأمّا قوله: «ولا تربّ بالوكور» فإنّه يقول: الوكر لا يكون إلا في عرض الجبل، وهي لا ترضى إلا بأعالي الهضاب، ثم مواضع الصّدوع وخلال الصخور، وحيث يمتنع على جميع الخلق المصير إلى فراخها. ولذلك قال الكميت «1» : [من الطويل]
ولا تجعلوني في رجائي ودّكم ... كراج على بيض الأنوق احتبالها «2»
والأنوق هي الرّخمة. وقال ابن نوفل «3» : [من الوافر]
وأنت كساقط بين الحشايا ... يصير إلى الخبيث من المصير
ومثل نعامة تدعى بعيرا ... تعاظمها إذا ما قيل طيري
وإن قيل احملي قالت فإنّي ... من الطّير المربّة في الوكور
وأما قوله: « [ولا تطير في التّحسير] «4» ، ولا تغترّ بالشّكير» فإنها تدع الطيران أيام التحسير، فإذا نبت الشّكير- وهو أول ما ينبت من الريش- فإنها لا تنهض حتى يصير الشكير قصبا. وأمّا قوله: «ولا تسقط على الجفير» ، فإنما يعني جعبة السّهام، يقول: إذا رأته علمت أنّ هناك سهما، فهي لا تسقط في موضع تخاف فيه وقع السّهام.
والرّخم والنّسور والعقبان تتبع الجيوش لتوقع القتال وما يكون لها من الجيف، وتتبع أيضا الجيوش والحجّاج لما يسقط من كسير «5» الدّواب، وتتبعها أيضا في الأزمنة التي تكون فيها الأنعام والحجور حوامل، لما تؤمّل من الإجهاض والإخداج.
قال النابغة «6» : [من الطويل]
وثقت له بالنّصر إذ قيل قد غدت ... كتائب من غسّان غير أشائب
بنو عمّه دنيا وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب