الحيوان (صفحة 1176)

والثيران، لكثرة ما معها من المعرفة- لكانت القرود، والفيلة والذرّ، والثعالب، أولى بذلك. فلا بد من معرفة، ولا بد من طباع وصنعة.

والحمام يزجلن [1] من لؤلؤة [2] ، وهنّ بصريّات وبغداديّات، وهنّ جمّاع من هاهنا وهاهنا، فلا تتخذ رئيسا.

1537-[طعن ناس من الملحدين في آية النّحل]

وقد طعن ناس من الملحدين، وبعض من لا علم له بوجوه اللغة وتوسّع العرب في لغتها، وفهم بعضها عن بعض، بالإشارة والوحي- فقالوا: قد علمنا أن الشمع شيء تنقله النحل، مما يسقط على الشجر، فتبني بيوت العسل منه، ثم تنقل من الأشجار العسل الساقط عليها، كما يسقط التّرنجبين [3] ، والمنّ [4] ، وغير ذلك. إلا أن مواضع الشمع وأبدانه خفيّ. وكذلك العسل أخفى وأقلّ. فليس العسل بقيء ولا رجع [5] ، ولا دخل للنحلة في بطن قطّ.

1538-[رد الجاحظ على الملحدين]

وفي القرآن قول الله عزّ وجلّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

[6] .

ولو كان إنما ذهب إلى أنه شيء يلتقط من الأشجار، كالصّموغ وما يتولد من طباع الأنداء والأجواء والأشجار إذا تمازجت- لما كان في ذلك عجب إلا بمقدار ما نجده في أمور كثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015