ولو كان اتخاذ الغرانيق والكراكيّ الرؤساء والرّقباء إنما علته المعرفة- لم يكن للغرانيق والكراكيّ في المعرفة فضل على الذّر والنمل، وعلى الذّئب والفيل، وعلى الثعلب والحمام.
أما الغنم فهي أغثر وأموق [1] من أن تجري في باب هذا القول.
وقد تخضع الحيات للحية، والكلاب للكلب، والدّيوك للديك، حتى لا تروّمه [2] ولا تحاول مدافعته.
ولقد خرجت في بعض الأسحار في طلب الحديث، فلما صرت في مرّبعة المحلّة، ثار إليّ عدّة من الكلاب، من ضخامها، ومما يختاره الحرّاس. فبينا أنا في الاحتيال لهنّ وقد غشينني إذ سكتن سكتة واحدة معا، ثم أخذ كل واحد في شقّ كالخائف المستخفي، وسمعت نغمة [3] إنسان، فانتهزت تلك الفرصة من إمساكهنّ عن النّباح، فقلت: إنّ ههنا لعلّة إذ أقبل رجلان ومعها كلب أزبّ [4] ضخم دوسر [5] ، وهو في ساجور [6] ، ولم أر كلبا قط أضخم منه، فقلت: إنهنّ إنما أمسكن عن النّباح وتسترن، من الهيبة له! وهي مع ذلك لا تتخذ رئيسا.
وروي عن عبّاد بن صهيب، عن عوف بن أبي جميلة، عن قسامة بن زهير قال:
قال أبو موسى [7] : «إن لكل شيء سادة حتى إن للنمل سادة» . فقال بعضهم: سادة النمل: المتقدّمات.
وهذا تخريج، ولا ندري ما معنى ما قال أبو موسى في هذا.
ولو كان اتخاذ الرئيس من النحل، والكراكيّ، والغرانيق [8] ، والإبل، والحمير،