قلنا: قد زعم ابن حائط وناس من جهّال الصّوفيّة، أن في النحل أنبياء، لقوله عزّ وجلّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
. وزعموا أن الحواريّين كانوا أنبياء لقوله عز وجل: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ
[1] .
قلنا: وما خالف إلى أن يكون في النحل أنبياء؟! بل يجب أن تكون النحل كلها أنبياء، لقوله عزّ وجلّ على المخرج العامّ: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
، ولم يخصّ الأمهات والملوك واليعاسيب، بل أطلق القول إطلاقا.
وبعد فإن كنتم مسلمين فليس هذا قول أحد من المسلمين. وإلا تكونوا مسلمين فلم تجعلون الحجة على نبوة النحل كلاما هو عندكم باطل؟!
وأما قوله عزّ وجلّ: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ
[2] فالعسل ليس بشراب، وإنما هو شيء يحوّل بالماء شرابا، أو بالماء نبيذا. فسماه كما ترى شرابا، إذ كان يجيء منه الشراب.
وقد جاء في كلام العرب أن يقولوا: جاءت السماء اليوم بأمر عظيم.
وقد قال الشاعر [3] : [من الوافر]
إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
فزعموا أنهم يرعون السماء، وأنّ السماء تسقط.
ومتى خرج العسل من جهة بطونها وأجوافها فقد خرج في اللغة من بطونها وأجوافها.
ومن حمل اللغة على هذا المركب، لم يفهم عن العرب قليلا ولا كثيرا وهذا