الحور العين (صفحة 257)

وكان جهم يقول: إن الجنة والنار يفنيان، وإن الإيمان هو المعرفة دون الإقرار، ودون سائر الطاعات، وإنه لا فعل لأحد على الحقيقة إلا الله تعالى، وإن الخلق فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجرة تحركها الريح، إلا أن الله تعالى خلق في الإنسان قوة بها كان الفعل، وخلق فيه إرادة الفعل واختياره، كما خلق فيه سروراً بذلك وشهوة له.

وقوله: أوصح قول المجبرة والخوارج في عذاب لأطفال، لقد حملت أحمال البوازل على الآفال.

الآفال: بنات المخاض فما فوقها.

واختلف الناس في عذاب الأطفال المشركين.

فقال واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وغيلان، ومحمد بن الحنفية، وبشير الرجال، والحسن بن أبي الحسن البصري، وقتادة، وعبد الواحد بن زيد، وجميع المعتزلة، والميمونية، والنجدات من الخوارج: أطفال المشركين في الجنة ولا يقع العذاب إلا على البالغين، واحتجوا بقول الله تعالى: (كل امرئ منهم بما كسب رهين) وبقوله: (لا تزر وازرةٌ وزر أخرى) وبقوله: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) .

قالوا: وليس للأطفال كسب يرتهنون به.

وقالت المجبرة كلها، والحشوية، وسائر الخوارج: أطفال المشركين في النار، لأنهم بعض من أبعاضهم، واحتجوا بأن الله تعالى خسف الأرض بقوم لوط، وأغرق قوم نوح وفيهم الأطفال، قالوا: فلما خسف بهم وأغرقهم مع آبائهم، قلنا: إنه يعذبهم مع آبائهم في النار، وكل فعل الله عدل، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015