وقالت المعتزلة: لا نسمهم بالكفر ولا بالإيمان؛ ولا يقولون: إنهم مشركون ولا مؤمنون، ولكن يقولون: إنهم فساق؛ فاعتزلوا القولين جميعاً، وقالوا بالمنزلة بين المنزلتين، فسموا: المعتزلة.
ومن الناس من يقول: إنما سموا معتزلة، لاعتزالهم مجلس الحسن بن أبي الحسن البصري، وكان الذي اعتزله عمرو بن عبيد ومن تبعه، ذكر ذلك ابن قتيبة في المعارف.
ومن الناس من يقول: سموا معتزلة، لاعتزالهم علي بن أبي طالب عليه السلام في حروبه، وليس كذلك، لأن جمهور المعتزلة، وأكثرهم إلا القليل الشاذ منهم، يقولون: إن علياً عليه السلام كان على الصواب، وإن من حاربه فهو ضال، وتبرأوا ممن لم يتب من محاربته، ولا يتولون أحداً ممن حاربه إلا من صحت عندهم توبته منهم؛ ومن كان بهذه الصفة فليس بمعتزل عنه عليه السلام، ولا يجوز أن يسمى بهذا الاسم.
وقال كثير من المعتزلة: إن أفضل الأمة بعد نبيها: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بتقدمه لنظرائه في خصال الفضل في الدين.
قال قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد، في شرح الأصول الخمسة - وهذا القول هو الذي يقول به أكثر شيوخنا البغداديين، وبعض البصريين، وهو الذي نصره الشيخ أبو عبد الله رحمه الله، والمشهور في كتب أبي علي وأبي هاشم، الوقوف في ذلك - قال: وإنما استحق عليه السلام الفضل من جهة الأفعال، لا من جهة الأخبار، التي يرويها الشيعة، لأنها غير مجمع عليها، وهي مع ذلك تحتمل التأويل، والأفعال التي استحق بها الفضل في الدين، فهي العلم والتبحر فيه، والورع