الحور العين (صفحة 139)

وقالت الفلاسفة: أربع طبائع لم تزل، وخامس معها بخلافها، والدليل على ذلك: أنهم لما رأوا الشيء لن ينقلب عن حاله التي كان عليها، مثل النار لن تنقلب رطوبة أبداً ولا برداً؛ وكذلك هذه الأربع الطبائع لما كانت غير محتازة للفعل، فلما احتاجت؛ فهي بحالها الأولى لن تنتقل عن طباعها؛ فلما رأوا الاحتياز والتمثيل، علموا أن ذلك المحتاز المثل هو الخامس.

وقالت الجوهرية: جوهرة قديمة واحدية الذات، وإنما اختلفت على قدر التقاء أجزاء الجوهرة وحركاتها، فإذا كان جزءان كان ذلك حراً، فإذا كان ثلاثة صار برداً، فإذا كان ذلك أربعة صار رطوبة، وعلى هذا المثال، واثبتوا الحركات، وزعموا أن حركة قبل حركة إلى ما لا نهاية.

وقال أصحاب الجثة: إن العالم كله لم يزل بصورة تفلقت هذه الجثة عنها؛ فكان الخلق كاملاً فظهر، وأنكروا أن يكون كانت غير صورة، فيحتاج إلى مصور.

وقال هرموس: أربع طبائع وخامس لم تزل - مثل مقالة الفلاسفة - وأثبت العالم ساكناً لم يحرك، والسكون عنده ليس بمعنى والحركة معنى؛ ودليله على ذلك: أنه لما وجد الفعل هو الحركة، وهو زوال عن المكان، فوجده لا يبقى زمنين، ووجده ليس بمحبوس ولا مدرك، وهو فعل، كان محالاً أن يكون السكون فعلاً، لأن السكون لبث في المكان، ولو كان فعلاً، كان يكون زوالاً، كما أن الفعل الزوال.

وقال بلعم بن باعور: إن العالم قديم، وإن له مدبراً بخلافه من جميع المعاني، وأثبت الحركات، فقال: إن الحركة الأولى هي الحركة الثانية معادية، وإن الجسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015