وقال بعضهم: هو قديم، لأنههم لم يشاهدوا شيئاً إلا من شيء، كالإنسان لا يكون إلا من نطفة، والطائر لا يكون إلا من بيضة، وإنما يقع نمو ذلك باعتدال الحر والبرد، والرطوبة واليبس، ويقع فسادها بإفراط أحدها فيه.
ثم اختلف من قال بقدم العالم.
فقالت الهولانية - أرسطاليس، ومن قال بقوله هيولى -: له قدم، وتفسير الهيولى: أصل الأشياء، مثل القطن للثوب، هو هيولى له، والهيولي هو المدبر للعالم، وهو أصل له لم يزل، وقوة معه، فالعالم لن ينفك من عرض وجوهر، فالجوهر هو القابل للأعراض؛ والهيولى حرك القوة، فحرك البرد، ثم حركها فحدث الحر، فقبلهما الجوهر؛ والجوهر قديم معه؛ واعتلوا في ذلك: أنهم يرون الإنسان ضعيفاً؛ ثم يرونه قوياً، والذات قائمة بعينها، فعلموا أن القوة لمعنى الحدث، والضعف لمعنى الحدث؛ ودليلهم على الجوهر أنه قابل للأعراض: أن البشرة يحدث فيها الألوان، وهي قائمة بعينها، وذلك دليل على أن العين غير الألوان، والطعوم؛ ودليلهم على الفعل: أنك ترى الإنسان قد يحدث الفعل بعد إذ كان غير فاعل له، والفعل عرض، كذلك يجوز أن يحدث الهيولي أعراضاً هو غيرها، ولا يقال: كيف حدث هذا الفعل؟ كما لا يقال: كيف حدثت هذه الحركة من الإنسان؟ وقالت الأطباء - جالينوس، ومن قال بقوله -: أربع طبائع لم يزل العالم منها: الحر والبرد والرطوبة واليبس، قياساً على تأثيرها في المشاهد.