-
إِمَام دَار الْهِجْرَة الْمُتَوفَّى سنة تسع وَسبعين وَمِائَة وَإِنَّمَا قَدمته فِي الذّكر على صَحِيح البُخَارِيّ مَعَ علو شَأْنه ورفعة مَكَانَهُ لتقدم الإِمَام مَالك عَلَيْهِ زَمَانا وتأليفا فَإِن الْمُوَطَّأ كتاب قديم مبارك مجمع عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ والشهرة وَالْقَبُول وَأول مولف صنف فِي الحَدِيث وكل من جمع صَحِيحا فقد سلك على نهجه وَأخذ طَرِيقه وحذا حذوه وَالْفضل للمتقدم كَمَا قيل فِي القَوْل المنظم نظم
(فَلَو قبل مبكاها بَكَيْت صبَابَة ... بسعدي شفيت النَّفس قبل التندم)
(وَلَكِن بَكت قبلي فهيج لي البكا ... بكاها فَقلت الْفضل للمتقدم)
قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مَا أعلم شَيْئا بعد كتاب الله تَعَالَى أصح من موطأ مَالك وَقَالَ فِي المسوى هُوَ أصح كتب الْفِقْه وأشهرها وأقدمها وأجمعها وَقد اتّفق السوَاد الْأَعْظَم من الْأمة المرحومة على الْعَمَل بِهِ وَالِاجْتِهَاد فِي رِوَايَته ودرايته والإعتناء بشرح مشكلاته ومعضلاته والإهتمام باستنباط مَعَانِيه وتشييد مبانيه وَمن تتبع مذاهبهم ورزق الْإِنْصَاف من نَفسه علم لَا محَالة أَن الْمُوَطَّأ عدَّة مَذْهَب مَالك