وأساسه وعمدة مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَرَأسه ومصباح مَذْهَب أبي حنيفَة وصاحبيه ونبراسه وَهَذِه الْمذَاهب بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُوَطَّأ كالشروح للمتون وَهُوَ مِنْهَا بِمَنْزِلَة الدوحة من الغصون وَإِن النَّاس وَإِن كَانُوا من فَتَاوَى مَالك فِي رد وَتَسْلِيم وتنكيت وتقويم مَا صفا لَهُم المشرب وَلَا تأتى لَهُم الْمَذْهَب إِلَّا بِمَا سعى فِي ترتيبه واجتهد فِي تهذيبه
قَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ أحد أَمن عَليّ فِي دين الله من مَالك وَعلم أَيْضا أَن الْكتب المصنفة فِي السّنَن كصحيح مُسلم وَسنَن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمَا يتَعَلَّق بالفقه من صَحِيح البُخَارِيّ وجامع التِّرْمِذِيّ مستخرجات على الْمُوَطَّأ تحوم حومه وتروم رومه ومطمح نظرهم فِيهَا وصل مَا أرْسلهُ وَرفع مَا أوقفهُ واستدراك مَا فَاتَهُ وَذكر المتابعات والشواهد لما أسْندهُ وأحاطه جَوَانِب الْكَلَام بِذكر مَا رُوِيَ خِلَافه وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يُمكن تَحْقِيق الْحق فِي هَذَا وَلَا ذَاك إِلَّا باكباب على هَذَا الْكتاب انْتهى
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر فِي القبس هَذَا أول كتاب ألف فِي شرائع الْإِسْلَام وَهُوَ آخِره لِأَنَّهُ لم يؤلف مثله إِذْ بناه مَالك على تمهيد الْأُصُول للفروع وَنبهَ فِيهِ على مُعظم أصُول الْفِقْه الَّتِي يرجع إِلَيْهَا فِي مسَائِله وفروعه انْتهى وَفِيه يَقُول القَاضِي عِيَاض نظم
(إِذا ذكرت كتب الحَدِيث فحي هَل ... يكْتب الْمُوَطَّأ من مُصَنف مَالك)
(أصح أحاديثا وَأثبت حجَّة ... وأوضحها فِي الْفِقْه نهجا لسالك)
(عَلَيْهِ مضى الْإِجْمَاع من كل أمة ... على رغم خيشوم الحسود المماحك)
(فَعَنْهُ فَخذ علم الدّيانَة خَالِصا ... وَمِنْه استفد شرع النَّبِي الْمُبَارك)