الحسنه والسيئه (صفحة 131)

الله "، كقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} [يونس: 18] ، وقوله: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَّ} [يونس: 106] .

بخلاف ما إذا قيل: لا يملك الذين يدعون الشفاعة من دونه؛ فإن هذا لا نظير له في القرآن، واللفظ المستعمل في مثل هذا أن يقال: لا يملك الذين يدعون الشفاعة إلا بإذنه، أو لمن ارتضى، ونحو ذلك. لا يقال في هذا المعنى: " من دونه "؛ فإن الشفاعة هي من عنده، فكيف تكون من دونه؟ لكن قد تكون بإذنه، وقد تكون بغير إذنه.

وأيضاً، فإذا قيل: {الذين يَدْعُونَ} مطلقاً، دخل فيه الرب تعالى؛ فإنهم كانوا يدعون الله، ويدعون معه غيره؛ ولهذا قال: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] .

والتقدير الثالث: لا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة من دونه، وهذا أجود من الذي قبله، لكن يَرِدُ عليه ما يَرِدُ على الأول.

ومما يضعفهما أن الشفاعة لم تذكر بعدها صلة لها، بل قال: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} فنفى ملكهم الشفاعة مطلقاً. وهذا هو الصواب. وإن كل من دعى من دون الله لا يملك الشفاعة؛ فإن المالك للشيء هو الذي يتصرف فيه بمشيئته وقدرته، والرب تعالى لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، فلا يملك أحد من المخلوقين الشفاعة بحال، ولا يقال في هذا: {إِلاَّ بِإِذْنِهِ} إنما يقال ذلك في الفعل، فيقال: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015