عَنْهُمْ فِيهِ (?). الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَا يَسْقُطُ أَصْلًا , إذْ هُوَ كَرَاهَةُ الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ بِالْقَلْبِ كُفْرٌ لِحَدِيثِ « .. وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (?).
الَّذِي يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ , فَالْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَمَنْ لَمْ يُنْكِرْ قَلْبُهُ الْمُنْكَرَ دَلَّ عَلَى ذَهَابِ الْإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104) سورة آل عمران. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ إلَى الْكُلِّ مَعَ إسْنَادِ الدَّعْوَةِ إلَى الْبَعْضِ بِمَا يُحَقِّقُ مَعْنَى فَرْضِيَّتِهَا عَلَى الْكِفَايَةِ , وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْكُلِّ , لَكِنْ بِحَيْثُ إنْ أَقَامَهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ , وَلَوْ أَخَلَّ بِهَا الْكُلُّ أَثِمُوا جَمِيعًا. وَلِأَنَّهَا مِنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَعَزَائِمِهَا الَّتِي لَا يَتَوَلَّاهَا إلَّا الْعُلَمَاءُ الْعَالِمُونَ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ , وَمَرَاتِبِ الِاحْتِسَابِ (?) , فَإِنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُهَا يُوشِكُ أَنْ يَأْمُرَ بِمُنْكَرٍ وَيَنْهَى عَنْ مَعْرُوفٍ , وَيَغْلُظَ فِي مَقَامِ اللِّينِ , وَيَلِينَ فِي مَقَامِ الْغِلْظَةِ , وَيُنْكِرَ عَلَى مَنْ لَا يَزِيدُهُ الْإِنْكَارُ إلَّا التَّمَادِي وَالْإِصْرَارَ (?).
وَيَكُونُ الِاحْتِسَابُ حَرَامًا فِي حَالَتَيْنِ:
الْأُولَى: فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ مَوْضُوعَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ فَهَذَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ , لِأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنْ الْمَعْرُوفِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُؤَدِّيَ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ إلَى مُنْكَرٍ أَعْظَمَ مِنْهُ، مِثْلِ أَنْ يَنْهَى عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ فَيُؤَدِّي نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ إلَى قَتْلِ النَّفْسِ فَهَذَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ (?).
وَيَكُونُ الِاحْتِسَابُ مَكْرُوهًا إذَا أَدَّى إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمَكْرُوهِ (?).
وَيَكُونُ الِاحْتِسَابُ مَنْدُوبًا فِي حَالَتَيْنِ:
الْأُولَى: إذَا تَرَكَ الْمَنْدُوبَ أَوْ فَعَلَ الْمَكْرُوهَ فَإِنَّ الِاحْتِسَابَ فِيهِمَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ وُجُوبُ الْأَمْرِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً , لِأَنَّهَا مِنْ الشِّعَارِ الظَّاهِرِ فَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ