العلم، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة تفهم الزهد، وتوفق له، وبالزهد تترك الدنيا، وبترك الدنيا ترغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة تنال رضا الله -عز وجل.
وعن جعفر بن محمد بن نصير أن أبا العباس الحلواني أخبره قال: سمعت أبا القاسم الجنيد يقول: متى أردت أن تُشَرَّف بالعلم، وتنسب إليه، وتكون من أهله قبل أن تعطي العلم ما له عليك احتجب عنك نوره، وبقي عليك رسمه وظهوره، ذلك العلم عليك لا لك؛ وذلك أن العلم يشير إلى استعماله، فإذا لم تستعمل العلم في مراتبه رحلت بركاته.
وعن أحمد بن الحسين بن أحمد الواعظ قال: سمعت أبا عبد الله الرُّذْبادي يقول: "من خرج إلى العلم يريد العلم لم ينفعه العلم، ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم". قال: وسمعت أبا عبد الله الرذبادي يقول: "العلم موقوف على العمل، والعمل موقوف على الإخلاص، والإخلاص لله يورث الفهم عن الله -عز وجل".
وعن مالك بن دينار قال: "إن العبد إذا طلب العلم للعمل كسره علمه، وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجورًا، أو فخرًا". وعنه قال: "من تعلم العلم للعمل كسره علمه، ومن طلبه لغير العمل زاده فخرًا".
وعن مطر قال: خير العلم ما نفع، وإنما ينفع الله بالعلم من علمه، ثم عمل به، ولا ينفع به من علمه، ثم تركه.
وعن حبيب بن عبيد الرحبي قال: "تعلموا العلم، واعقلوه، وانتفعوا به، ولا تعلموه؛ لتتجملوا به؛ فإنه يوشك إن طال بكم العمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه".