ويقول الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- في اشتراط العلم للمحتسب: "الأمر بالمعروف النهي عن المنكر يحتاج إلى أن يكون الإنسان عالمًا بالمعروف والمنكر، فإن لم يكن عالمًا بالمعروف؛ فإنه لا يجوز أن يأمر به؛ لأنه قد يأمر بأمر يظنه معروفًا وهو منكر ولا يدري، فلا بد أن يكون عالمًا أن هذا من المعروف الذي شرعه الله ورسوله، ولا بد أن يكون عالمًا بالمنكر، أي: عالمًا أن هذا منكر، فإن لم يكن عالمًا بذلك فلا ينهى عنه؛ لأنه قد ينهى عن شيء هو معروف، فيترك المعروف بسببه أو ينهى عن شيء وهو مباح، فيضيِّق على عباد الله بمنعهم بما هو مباح لهم، فلا بد أن يكون عالمًا بأن هذا منكر، وقد يتسرع كثير من إخواننا الغيورين، فينهون عن أمور مباحة يظنونها منكرًا، فيضيقون على عباد الله؛ فالواجب ألا تأمر بشيء إلا وأنت تدري أنه معروف، وألا تنهى عن شيء إلا وأنت تدري أنه منكر.

كما يجب عليك أن تعلم بأن هذا الرجل تارك للمعروف، أو فاعل للمنكر، ولا تأخذ الناس بالتهمة أو بالظن، فإن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} (الحجرات: 12)، فإذا رأيت شخصًا لا يصلي معك في المسجد؛ فلا يلزم من ذلك أنه لا يصلي في مسجد آخر، بل قد يكون يصلي في مسجد آخر، وقد يكون معذورًا، فلا تذهب من أجل أن تُنكر عليه حتى تعلم أنه يتخلف بلا عذر، نعم، لا بأس أن تذهب وتسأله وتقول: يا فلان نحن نفقدك بالمسجد لا بأس عليك، لعل المانع خير، أما أن تنكر أو أشد من ذلك أن تتكلم في المجالس، فهذا لا يجوز؛ لأنك لا تدري ربما يكون يصلي في مسجد آخر، أو يكون معذورًا في التخلف عن الجماعة؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستفهم أولًا قبل أن يأمر، فقد ثبت في (صحيح مسلم): ((أن رجلًا دخل يوم الجمعة والنب ي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجلس ولم يصلِّ تحية المسجد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين))، ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015