والثانية: ادعاء النبوة ..

والثالثة: الارتداد مطلقًا.

وأمام هذه الفتنة العمياء اشتدت الأهوال بالصديق وبسائر المؤمنين، تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف ذلك الكرب الذي حل بالمسلمين: "لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسل م- ارتدت العرب قاطبة، واشرأبت الأعناق، والله قد نزل بي ما لو نزل بالجبال الراسي ات لهاضها، وص ار أصحاب محمد -صلى الله عليه وسل م- كأنهم معزى مطيرة في حُشٍّ في ليلة مطيرة بأرض مسبعة".

ولو أردنا أن نقف على جانب من احتساب الصديق بنفسه على هذا المنكر العظيم، وهذه الفتنة العمياء إلى جانب إسناده أمر الاحتساب في شأنها إلى رجال آخرين؛ لوجدنا أنه -رضي الله عنه- قد خرج شاهرًا سيفه إلى ذي القصة لقتال القبائل المرتدة الذين جاءوا لمهاجمة المدينة النبوية. ولما طلب منه المسلمون البقاء في المدينة، وإرسال من ينوب عنه قال: "لا والله لا أفعل، ولأواسينَّكم بنفسي".

ومن صور احتسابه -رضي الله عنه-: ما قام به مع أحد الصحابة -وهو عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهما- وهو ينازع جار له قائلًا له: "لا تماض جارك، فإنه يبقى ويذهب عنك الناس" أي: لا تشاتم جارك.

ومنها: احتسابه على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما بلغه طلب الأنصار بتأمير شخص غير أسامة -رضي الله عنه- عليهم، فقد نقل الطبري أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: "إن الأنصار أمروني أن أبلغك، وإنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلًا أقدم سنًّا من أسامة، فوثب أبو بكر -رضي الله عنه- وكان جالسًا فأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015