وأما الحسبة في اصطلاح العلماء: فقد قال فيها الإمام العالم العلامة أبو الحسن الماوردي -رحمه الله-: "الحسبة من قواعد الأمور الدينية، وقد كان أئمة الصدر الأول يباشرونها بأنفسهم لعموم صلاحها، وجزيل ثوابها، وهي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله، وإصلاح بين الناس, قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (النساء: 114).
فالحسبة إذًا هي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمعروف اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيشمل الاعتقاد وهو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، ويشمل العبادات من الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والنكاح، والطلاق، والرضاع، والحضانة، والنفقة، والعدة، وما إلى ذلك.
ويشمل النظم والتشريعات من المعاملات المالية، والحدود، والقصاص، والعقود والمعاهدات، ونحوها، ويشمل أيضًا الأخلاق من الصدق، والعدل، والأمانة، والعفة، والوفاء، ونحوها, وسمي المعروف معروفًا؛ لأن الفطر المستقيمة والعقول السليمة تعرفه، وتشهد بخيره وصلاحه. ومعنى الأمر بالمعروف: الدعوة إلى فعله، والإتيان به مع الترغيب فيه، وتمهيد أسبابه وسبله بصورة تثبت أركانه، وتوطد دعائمه، وتجعله السمة العامة للحياة جميعًا.
وأما المنكر: فهو سم جامع لكل ما يبغضه الله تعالى ولا يرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيشمل الشرك بكل ألوانه وصوره، ويشمل