بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
(تعريف الحسبة ومنزلتها ومقصودها وفضائلها وفوائدها)
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
أما الحسبة في اللغة: فقد جاء في (لسان العرب) الحسبة مصدر احتسابك الأجر على الله، تقول: فعلته حسبة، واحتسب فيه احتسابًا، والاحتساب طلب الأجر، والاسم الحسبة بالكسر وهو الأجر، واحتسب فلان ابنًا له أو ابنة له إذا مات وهو كبير، وافترط فرطًا إذا مات له ولد صغير لم يبلغ الحلم, وفي الحديث: ((من مات له ولدًا فاحتسبه)) أي: احتسب الأجر بصبره على مصيبته به، ومعناه: اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها، واحتسب بكذا أجرًا عند الله والجمع الحسب, وفي الحديث ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا)) أي: طلبًا لوجه الله تعالى وثوابه.
والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه؛ لأنه حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد، والاحتساب في الأعمال الصالحات، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجوِّ منها، وفي حديث عمر -رضي الله عنه-: "أيها الناس احتسبوا أعمالكم، فإن من احتسب عمله كُتب له أجر عمله وأجر حسبته".