ومنتهيًا حتى يأمر وينهى غيره، فبذلك يحصل هدى الذي هو شرط في عدم إضرار ضلال الغير للمهتدين {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} يعني: إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم يستجب لكم حينئذ لا يضركم ضلال من ضل كما فعل الله -تبارك وتعالى- بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من أصحاب قرية أصحاب السبت، قال تعالى: {ف َلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون} (الأعراف: 165)، فإذا أمر المسلم بالمعروف، ونهى عن المنكر فلم يستجب له لا يضره ضلال من ضل.
وقد يتشبث البعض بشب هة أخرى، وهي أن الباطل انتشر في الأرض، ولم تعد الدعوة إلى الله تنفع شيئًا، وعلى المسلم أن يهتم بنفس هـ ويدع أمر الخلق.
والجواب على هذه الشبهة: أن الواجب على المسلم هو القيام بواجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء حصل المقصود واستجاب الناس أو لم يستجيبوا، وقد حصلت هذه الشبهة لأقوام سالفين قص الله تعالى لنا من أخبارهم، وكيف أن الدعاة إلى الله ردوا عليهم شبهتهم قال الله تعالى: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْس قُون * وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون} (الأعراف: 63 - 165)