الإسلام، وقد فسرنا الإسلام من قبل بأنه دين الله على لسان جميع الأنبياء من جميع الأمم، وهو الإخلاص لله تعالى والرجوع عن الهوى إلى حكمه، وهذا مطلوب منا بحكم جعلنا أمة وسطًا، وشهداء على الناس كما تقدم في سورة البقرة"، وخير أمة أخرجت للناس كما سيأتي بعد آيات مقيدًا بكوننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وبحكم قوله في وصف المؤمنين الذين أذن لهم بالقتال، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر.

فالواجب دعوة الناس للإسلام أولًا، فإن أجابوا، فالواجب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

والمرتبة الثانية في الدعوة والأمر والنهي: هي دعوة المسلمين بعضهم بعضًا إلى الخير، وتآمرهم فيما بينهم بالمعروف، وتناهيهم عن المنكر، والعموم فيها ظاهر أيضًا وله طريقان:

أحدهما: الدعوة العامة الكلية لبيان طرق الخير، وتطبيق ذلك على أحوال الناس، وضرب الأمثال المؤثرة في النفوس التي يأخذ كل سامع منها بحسب حاله، وإنما يقوم على هذا الطريق خواص الأمة العارفون بأسرار الأحكام، وحكمة الدين وفقهه.

والطريق الثاني: الدعوة الجزئية الخاصة، وهي ما يكون بين الأفراد بعضهم مع بعض ويستوي فيه العالم والجاهل، وهو ما يكون بين المتعارفين من الدلالة على الخير، والحث عليه عند عروضه، والنهي عن الشر والتحذير منه، وجملة القول أن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض حتم على كل مسلم، كما تدل عليه الآية في ظاهرها المتبادل وغيرها من الآيات كقوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} (المائدة: 79).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015