كما أنّ نِظَام النِّيابة العامة لا يُطَبّق بشكل متساوٍ على كل أفراد المجتمع؛ فهنالك من له حصانة دبلوماسية، وهنالك من له حصانة برلمانية، وهكذا يخرج عن سلطته وتطبيقه القوي، ويُطبق على الضعيف، بينما الحسبة تنسحب على الجميع حكامًا ومَحكومين ليس فيه استثناء؛ لأنّ الكُل هم عبيد لله، وهم أمام شرعه ومنهجه الذي فيه الحسبة سواسية كأسنان المشط.
ولا يستطيع أحدٌ مهما كانت منزلته أن يُعَدّل أو يُبدل شيئًا من أحكام الحسبة؛ فيُحِلَّ ما حرم الله، أو يُحرم ما أحل الله، وإذا فعل ذلك فلا طاعة عندئذ لمخلوق في معصية الخالق، كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يبقى نظام الحسبة ثابتًا ثبات مصدره بينما غيره من أنظمة البشر تتحول وتتبدل تبعًا لأحوال واضعها، ونقصه وعوزه.
أما المُقارنة بين الحِسبة ونظام النيابة العامة من حيث الاختصاصات
مجمل القول فيها:
أنّ اختصاصات الحسبة تكاد تدخل في كل منحًى من مناحي الحياة تقريبًا؛ فهي تدور وجودًا وعدمًا مع ظُهور المنكر، واندثار المعروف، ومع هذا الإجمال؛ فلا بَأسَ أنْ نُفَصِّل بعض تلك الاختصاصات من خلال استعراضنا لهيكل الأنظمة القضائية الأخرى؛ كالقضاء والمظالم والشرطة وغيرها.
فالفُقَهَاء الذين رَتّبوا الولايات الإسلامية على حسب أهميتها، وفي الأمور القضائية بالذات جعلوا الحسبة في المرتبة الثالثة بعد ولايتي "المظالم، والقضاء" وعلى هذا فقد اختصت ولاية الحسبة في الناحية القضائية بالذات خلافًا لاختصاصها الأخرى غير القضائية، بالنظر فيما