هذه النظرية: "إن النيابة العامة تطورت خلال قرنين من الزمان منذ القرن السادس عشر للميلاد، حتى وصلت إلى هذا التنظيم المعروف، بعد حدوث بعض التغيرات البسيطة الخاصة بالبوليس القضائي".

النظرية الثانية هي "النظرية الحديثة" في أصل النيابة العامة، ويذهب أنصار هذه النظرية إلى أن ظهور النيابة العامة يرجع أولًا إلى نشأة محامي الملك في القرن الرابع عشر، وأيًّا ما كانت الاختلاف بين النظريات؛ فإنه من المُتَّفَق عليه أنّ نظام النيابة العامة من أصل فرنسي كما تقدم، ومن المتفق عليه أيضًا: أنّ القَانُون المصري أخذ النيابة العامة نقلًا من التشريع الفرنسي.

كانت هذه إشارة إلى نشأة الحسبة ونشأة النيابة العامة، فما هي نتيجة المقارنة بينهما في النشأة؟

الجواب: قد تَبين لنا من استعراض نشأة الحسبة والنيابة العامة: بأنّ نظام الحسبة ذي أصول وقواعد ثابتة لا تتغير، ولا تتبدل بتقادم الزّمن؛ ولا باختلاف أهواء البشر وأقوالهم؛ لأنّه صَادِرٌ من لَدُن حكيم خبير، وأنّه أثناء تطوره لم يكن ليتغير، بل إنّ تطوره هو في اتساع الدائرة التي يُطَبّق فيها، نظرًا لازدياد أفراد المُجتمع الذي يُطبق بينهم، وكذلك في الوسائل والأساليب.

ثم تبين لنا أيضًا: بأنّ الحسبة قديمة جدًّا قدم الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- أما نظام النيابة العامة؛ فمع أنه نشأ وعرف من فترة ليست بالطويلة إلّا أنه مر بالمراحل وتم تعديله وتبديله، ولا زال يتغَيّرُ ويتبدل حسب حاجات ومقتضيات أحوال من وضعه ومن يُطَبّقُ بينه، ويكفيه منقصة عدم ثباته، وهذا من أوضح الأدلة على قصوره ونقصه تبعًا لقصور ونقص من وضعه، وصدق الله العظيم حيث يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015