بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس عشر
(علاقة الحسبة بالنيابة العامة)
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
علاقة الحسبة بالنيابة العامة
قد استخدم كثير من البلاد بدائل للحسبة، وقد كثرت هذه البدائل، واختلفت حسب البلاد ونظمها، ونحن إذ نتكلم عن علاقة الحسبة بنظام من هذه النظم، وهو النيابة العامة نقول: إن الأصل في نظام الحسبة في الإسلام لم يكن في يوم من الأيام وقفًا على رعاية الجانب الاقتصادي وحسب، كما هو الحال مثلًا في الرقابة على الأسواق، وليس لحفظ التوازن بين السلطات التنفيذية والسلطات التشريعية؛ كما هو في نظام المفوض البرلماني السويدي، بل إن الأصل فيه صيانة حقوق الله تعالى، ورعاية حقوق ومصالح العباد، من أجل أن تسير الحياة داخل المجتمع الإسلامي وفق تعاليم الإسلام؛ فتأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، وأن يكون الدين كله لله، وهذه غاية يصب فيها معين كل ولاية في الإسلام.
يقول الدكتور محمد إمام: "نعم قد تشترك بعض النظم في القديم والحديث بتغطية بعض المجلات التي يغطيها نظام الحسبة في المجتمع الإسلامي، كما هو الحال في القائم على أمن السوق في النظام البيزنطي، أو المُفوض البرلماني في النظام السويدي، والنُّظم التي أخذت عنه".
نعم ذلك صحيح جملة ولكن الدراسة التأصيلية لا تَنْظُر إلى المجالات فحسب، بل إلى الأصول والغايات، وهنا تَبْدُو الفَوارقُ كبيرة، ونقاطُ الالتقاط جدُّ يَسيرَة.
والمتتبع لمثل هذه النظم يعرف تمامًا أنّ الحِسبة لا ينحصر عملها في الجانب الاقتصادي، وما يتعلق بالأسواق وأهل التجارة، كما هو الحال عند مراقبي الأسواق في النظام البيزنطي، الذي يدعي البعض أن المسلمين اقتبسوا نظام الحسبة من هذا النظام.