أما أحمد شلبي فيقول: "تشعبت مؤسسات النظم القضائية، إلى أنواع، هي: الشرطة، الحسبة، والنظر في المظالم، والإفتاء، والقضاء".

وقال البُسْتَانِيُّ في دَائِرة مَعَارفه بعد أن عرّف الحِسْبة: "ولهذا قيل: القضاء باب من أبواب الحسبة". فهو على نقيض من سبقه حيث جعل القضاء جزءًا من الحسبة.

والحَقيقَةُ أنّ والي الحِسْبة يُمارسُ بعضَ الوَاجِبَات القَضَائيّة لا سيما تلك التي يحتاج البت فيها إلى السرعة، والتي لا يدخلها الإنكار والتجَاحُد، ومع ذلك فهي ليست جزءًا من القضاء؛ بحيث لا يتم إتمام العمل القضائي إلا بوجود المحتسب أو إشرافه، وكذلك ليست العكس، ولكن مع ذلك لا يمكن أن نقول: إنه ليس هناك علاقة بين ولاية القضاء وولاية المظالم.

فالماوردي يقول: "إنّ الحِسْبَة واسِطَةٌ بين أحكام القضاء، وأحكام المَظَالِم". ثم يقول: "فإن الناظر في الحسبة له من سلاطة السلطة، واستطالة الحماة، بما يتعلق بالمنكرات ما ليس للقُضاة إلّا أنّ الحِسْبة موضوعة للرّهبة؛ فلا يكون خروج المحتسب إليها -أي: الرهبة- بالسلاطة والغلظة تجوزًا فيها، ولا فرق. والقضاء موضوع للمناصفة فيكون القاضي بالأناة والوقار أحق، وخروجه إلى سلاطة الحسبة تجوز وخرق".

وبحث الولايات الثلاثة من حيث النشأة والاختصاصات والصلاحيات يعطينا فكرة عن تلك العلاقة في نقاط الاتفاق والافتراق فيما بينها.

أما المُقَارَنَةُ من حيث النشأة:

فالحِسْبَةُ في الإسلام على الراجح من أقوال العلماء نشأت وبدأ العمل على تطبيقها مُنذ نُزول أوّل نَصٍّ شرعي، يدعو إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015