والمواساة، أو على من يتوقع منه نصرة وجاه في المستقبل خيفة ألا يحصل له الجاه؛ ففي هذه الصور الأربع لا يسقط الوجوب في الإنكار، فإن كل ما يفوت فيها من إنكار زيادات امتنعت، ولا تسمى ضررًا إلا مجازًا.
وقال الدكتور السيد نوح: "شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتلخص في: التكليف، والقدرة، والسلامة من الضرر ولو ظن بأن يغلب على ظنه أنه لا يُصيبه الضرر لا يحتمل في نفسه أو ماله أو أهله أو ولده أو جماعته؛ فإن غلب على ظنه أنه سيتعرض لما لا يطيق من البلاء سقط الوجوب".
فإذا اختلت هذه الشروط جميعها أو بعض منها فقط سقط الوجوب، وأصبح الحب دائرًا بين الاستحباب أو الكراهة أو الحرمة؛ فيكون مستحبًّا في الحالات التالية:
أولًا: أن يَغْلب على ظَنِّه عَدَمُ الفائدة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينئذ يُستحب له أن يأمر وينهى؛ ليَبْقَى صوتُ الشَّرع مَسْمُوعًا معلنًا، يُذَكِّر النّاس بأنه قائم حي لم يمت، وأنه للظالمين بالمرصاد، وعسى أن يأتي اليوم الذي تتحقق فيه فائدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانيًا: أن يكون المنكر قد انتهى أو متوقعًا؛ فيُستحب له أن يعظ، وأن يذكر بالله وبآلائه، ويُخَوِّف من حسابه، وشديد عذابه، ويَدعو لطاعته سبحانه، ويطمع في رحمته، وأنّه يَقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات.
ثالثًا: أنْ يَتوقّع مَكروهًا يُمكنه احتماله في نفسه أو ماله، وحينئذ يُستحب له أن يأمر أو ينهي، وأن يَصْبِرَ لتتوطد أركان الحق، ويُعَتَزّ بأهله.