منهم فئام وراء فئام، وليس منهم أحد إلا وهو يشكو بلية أدخلتها عليه أو ظلامة سقتها إليه.
يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عروة بن رويم قال: كانت بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جريدة يستاك بها، ويروع بها المنافقين، فأتاه جبرائيل -عليه السلام- فقال: يا محمد ما هذه الجريدة التي كسرت بها قلوب أمتك، وملأت قلوبهم رعبًا، فكيف بمن شقق أستارهم، وسفك دماءهم، وخرب ديارهم، وأجلاهم عن بلادهم، وغيبهم الخوف منه؟ يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن زياد عن حارثة عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى القصاص من نفسه في خدش خدشه أعرابيًّا لم يتعمده فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك جبارًا، ولا متكبرًا، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الأعرابي؛ فقال: ((اقتص مني)) فقال الأعرابي: قد أحللتك بأبي أنت وأمي وما كنت لأفعل ذلك أبدًا، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير.
يا أمير المؤمنين رَضِّ نفسك لنفسك، وخذ لها الأمان من ربك، وارغب في جنة عرضها السموات والأرض التي يقول فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقيد قوس أحدكم من الجنة خير له من الدنيا وما فيها)) ".
الطريقة المثلى لنصح الحاكم والأمير:
أولًا: يجب على من يحتسب على الأمير العلم بفقه الاحتساب على وجه العموم، وبحكم المسألة التي يحتسب فيها على وجه خاص؛ فإن ذلك من أولى الشروط التي ينبغي توافرها فيمن يعطي لنفسه القيام بهذا الدور في النصح للحكام، لا سيما إذا ما عرفنا حساسية الموقف وأهميته.