قال الإمام أحمد -رحمه الله-: لا يتعرض للسلطان؛ فإن سيفه مسلول وعصاه، فأما ما جرى للسلف من التعرض لأمرائهم فإنهم كانوا يهابون العلماء، فإذا انبسطوا عليهم احتملوهم في الأغلب.
ولأحمد من حديث عطية السعدي قال: إذا استشرت السلطان تسلط عليه الشيطان، ووعظه الجوزي في سنة أربع وسبعين وخمسمائة بحضور الخليفة المستضيء بأمر الله، وقال: لو أني مثلت بين يدي السنة الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين قل لله سبحانه ما حاجتك إلي كما كان لك مع غناه عنك، إنه لم يجعل أحدًا فوقك فلا ترض أن يكون أحد أشكر له منك، فتصدق أمير المؤمنين بصدقات وأطلق محبوسيه.
ووعظ أيضًا في هذه السنة والخليفة حاضر قال: وبالغت في وعظ أمير المؤمنين، فمما حكيته له: أن الرشيد قال لشيبان: عظني؛ فقال: يا أمير المؤمنين لأن تصحب من يخوفك حتى تدرك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى تدرك الخوف. قال: فسر لي هذا، قال: من يقول لك: أنت مسئول عن الرعية فاتق الله أنصح لك ممن يقول لك: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وأنتم قرابة نبيكم، فبكى الرشيد حتى رحمه من رآه. فقلت له في كلامي: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، وأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك. ووعظ شبيب بن شيبة المنصور؛ فقال: إن الله -عز وجل- لم يجعل فوقك أحدًا، فلا تجعل فوق شكرك شكرا.
وكذلك نص الإمام أبو حامد الغزالي على طرق وعظ الأمراء والسلاطين، وتذكيرهم بالله، والاحتساب عليهم؛ فقال -رحمه الله-: قد ذكرنا درجات