فقال للرجل: من هذا؟ فقال: سفيان الثوري؛ فقال له: يا سفيان لو كان المنصور ما احتملك على هذا، فقلت له: لو أخبرك المنصور بما لقي لقصرت عن ما أنت عليه، قال: فقيل له: لم؟ قال لك: يا حسن الوجه، ولم يقل لك: يا أمير المؤمنين، قال: اطلبوه، فطلبوه فلم يجدوه فاختفى".
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في تفسير حديث أبي سعيد الخدري: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره ... )) إلى آخره: "قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا، ثم عدت فقال لي مثل ذلك، وقال: إن كنت لا بد فاعلًا ففيما بينك وبينه. وقال طاوس: أتى رجل ابن عباس؛ فقال: ألا أقوم إلى هذا السلطان فآمره وأنهاه؟ قال: لا تكن له فتنة، قال: أفرأيت إن أمرني بمعصية الله؟ قال: ذلك الذي تريد فكن حينئذٍ رجلًا.
وقد ذكرنا حديث ابن مسعود الذي فيه: ((يخلف من بعدهم خلوف فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن)) قال: وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد، وقد استنكر الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود، وقال: هو خلاف الأحاديث التي أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيها بالصبر على جور الأئمة، وقد يجاب عن ذلك بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال، وقد نص على ذلك أحمد أيضًا في رواية صالح؛ فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح، فحينئذٍ جهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات مثل أن يريق خمورهم، أو يكسر آلات اللهو التي لهم، أو نحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على